مَحفوفاً بِأرخبيلات، يليه : راية الهواء (2001)

منشورات عكاظ، 2001 . لتحميل المجموعتين - pdf - :  رابط

لِقراءتهما مُباشَرة : مَحفوفاً - راية  

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 1- مِن "محفوفاً بِأرْخبيلات" :


 أَبَـديَّـة

وكأنَّها الأبديّة

محمولةً بين مخالب نسر:

كلُّ هذا البياض

المُدَمّى


وكأنِّيَ الامتدادُ الحيّ

لزوبعةٍ

غامضةِ

النوايا

 

أألتفعُ بِحرير الشمس

وأُصيخُ السّمع

لهذا النَّدى الذي يَموء

في حِداق

الخُزامى

 

أأحْدُو النَّسيم

إلى مسقطِ رأسه

خلال هذا النَّهار

الأكثرِ خضرةً

من كارثة

 

أم أبقى في هذه الغرفة

النَّظيفة

إلا من دِماء الأحد؟


رَحــيـل

حينَ سالتْ على جبيني

دماءُ الغَسق

اِعترتْنِي رعشةُ اللحظة العَمْياء

انسحبتْ يدايَ

مِنْ طُفولةِ الذَّهب

وبدأ وجهي يُسافر بلا كَلل

نحو مهابِّ الألم.

 

 طويلاً عِشْتُ كَما...

طويلاً عِشتُ كَما

لَو كُنت نَهراً لا يكفُّ عن

الهدير

نهراً لا يُبالي

إنْ عاشَ أو انتحر

كنتُ أقرعُ أجراس الفوضى

في الطّرقات

وأَجلسُ إلى موائد الدّوار

في مقاهٍ

تَؤمُّها البُروق...

ثُمَّ وجدتُني، ذاتَ فجر

بدا مُبرقَشاً بأنينه

أرْعى سِرب كوابيسَ وَرْسَاء

في سُهوب السُّهاد

وكنتُ مِن بين الفرسان

الذين نادموا ظِلالهم

على قليلٍ من الوسواس...

أمسِ مساءً

كانتْ سُحب مُشاكسة

تكسو رأسي

بِسُعال الأبالسة

وبعد أن تسلَّلتُ خِلسةً

من بين أسنان الطَّقس

مضيتُ لِأَتيه

في الأزقّة الخلفيّة

للحياة

 

 2- مِن "راية الهَواء" :

 

الأمطار تَحَصَّنَتْ

لَمْ تَكوني

حِينَ الطّائراتُ التي من شمع

ذابَتْ في عيونِ موتاها


حدثَ ذلك في الهجير

كُنْتُ أصطلي بنارِه

وكنتِ مقيمةً في شتائك

ومَطَرٌ جميل

يُداعِبُ

حَلمَتيك


ثمَّ جاءتْ إناثٌ غريباتٌ

ماجناتٌ تَقِيّات

ألهَيْنَني زمناً

عن النوم في حديقة


ولمّا، أخيراً

في حديقة نِمْتُ

أيْقَظَتْني غيومُ يَدَيْكِ

ثانيةً


وما تَأسّفْتُ

فقد تَعَوَّدْتُ

أن يتكاثفَ الحنينُ

في أظافري

أنْ تغرَقي

في مياهِ أعْماقي


وكانَ يَحْدُثُ أنْ تتحوّلي

ريحاً مراهقة

ألَوِّحُ لك بيديّ

فَتُسْقِطينَ أوراقاً

وتهبّين في أحداق


قُلتِ: نَلْتَهي بالآلام

نَجمعُ ضوء الوَهم

بأهدابنا نتضامَن

مَعَ دَم العُصفور


كُنتُ في الهَجير

أذابَ إناثاً غريبات

سَخَّنَ ألفاظاً

فتّرَ رعشات

لكنّ اللغات

هبطتْ من أعالي الجبال

والأمطارَ تـحصَّـنَـتْ

في الخرائط


ناعمةً كانتْ لَفْظَتُك

أعيادُكِ انسكبتْ في قواريري

والمُقَل المغروسة في الثّلج

بَدَأَتْ تُزْهِر

في الثّلج


ولم نكنْ

حين غذّينا بالسّفر

السّهر الطّويل

حين وجّهنا أنْفاسَنا طلقاتٍ

إلى قلبينا

ودَلَّيْنا التماثيل

في الآبار


قُلْنا لَو المِرآة أصْبَحَتْ

صَرْخَتَها الخاصّة

لَتَحَوَّلْنا إلى لبلاب

وأبْقَينا جسدينا في السّرّ

وأنهكنا التّلال !


وإذا جاءنا البَحر

طَمَرْناه في الكتب

حتّى يُصْبحَ هديرُه

ذا أبعادٍ فلسفية

فتنسدل السّكينة

على السّواحل

وتُقيم الموسيقى

في جنون الأزهار


قبل أن أعرفَك

عَرَفتُ ومْضَ ذكرياتك

كنت قد فقدت

ميولي الاجتماعية

استبدلتُ بها أشواكا

ذات أحلام

أجراساً

تَعرف القلق والنّدم

عَدَمًا ناضِجاً

أنيقاً

يُوَشْوِشُ لي:

ستجدُ السّرّ كلّه

في انقصاف عمر سلحفاة

في انقطاع أوتار نَجْمَة

وفي وسواس الثّواني

ستكتشفُ زمنك


قَبْلَ أن تريني

سرّتْكِ لوعتي

حَدّقْتِ في انعدامي

قطفْتِ بتلات ظلامٍ

ابْـتَـعَـثْـتِـني في ضَلالة رقيقة

في أبد متثائب

في مشهدٍ أخير

في ضاحية

حيثُ كان جَسَدانا

يَعْكِسانِ الأصْداء ألواناً

فيما، أمام أقدامِنا

كانتْ جُسُورٌ كثيرةٌ

تَتَبَخَّر!