ترجمة : مبارك وساط
سابين سيكو عاشتْ سابين سيكو Sabine Sicaud (1913 ـ 1928) خمس عشرة سنة فحسب، فقد أُصيبتْ بالغرغرينة ، وتوفّيت بعد معاناة من المرض. وقد تركت تجربة الألم آثاراً بيّنة على قصائد الشّاعـرة-الطّفلة، وهي قصائد ذات قيمــة أدبيّة أكيدة...
هنالك من يرى في سابين سيكو إحدى شاعرات الفرنسية الكبيرات... وقـد كتبتْ، وهي بعدُ في الثّانية عشرة، قصيدتها «الكرسيّ، فارغاً...»... يقول عنها النّاشر والشّاعر پْيِير سِيغرس: «جعلهـا مرضُها تكتب قصائد، بمثابة صرخات مؤثّرة، يميّزها نقاء وعنــف ولغة علينــا ألّا ننْساها. واحدة من شاعراتنا الكبيرات. في سن الخامسة عشرة!».
كانت سابين سيكو قد جمعتْ قصائدها في ثلاث مجموعات: « قصائــد أولى»، «دروب»، «أيّتُها الآلام، إنّي أكْرهُك». لكنّ أيّاً من هــــذه المجموعات لم تُنشر في حياتها. وبعد وفاتها بثلاثين سنة، صـــدرت، قصائدها عن منشورات سْتُوك (1958) ...
***
من قصائدها :
أتحدّثُ إليكم؟
أتحدّثُ إليكم؟ كلّا. لا أستطيع.
أفضّلُ أن أتألّمَ مثلما نبتة،
مثل الطائر الذي لا يقول شيئا فوق الزّيزفونة.
إنّهما ينتظران. هذا جيّد. ما داما لم يتعبا
سأشاركهما الانتظار
إنّهما يتألمان لوحدهما. على المرء
أنْ يتعلّم كيف يتألّم وحيداً
لا أريد غرباء مستعدّين للابتسام
ولا أصدقاء ينوحون. فلا يأتينّ أحد.
النّـبـتة لا تقول شيئا. العصفور يصمت. فما الذي
يُمْكنُ أن يُقال؟
هذا الألم فريد في العالم، أيّا كانتْ مشيئتُـنا.
وهو ليس ألم الآخرين، إنّه ألمي.
فلِـنَـبْـتَةٍ ما مُقاساتُها الذي لا تعرفها نبتة أخرى.
وألمُ طائر، لا يعرف عنه طائر آخر شيئاً.
لا ندري. لا ندري. ما الذي يتشابه؟
وحتّى لو تشابهنا، ما هَمّ. يَجْدُرُ بي
هذا المساء ألا أسمع أيّ كلام غير مُجْدٍ.
أنْـتظرُ- مثلما تفعلُ خلف النّافذة، دون حراك،
الشّجرةُ العجوز و طائرُ البِرْقِشِ الأبْكم-
أَقَطْرةَ ماء نقيّة، أمْ ريحا عابرةً، من يدري؟
ما الذي ينْتظرانه؟ سننْتظره كلّنا.
الشّمسُ، رُبّما، قالتْ لهما إنّها ستعود...
لا تَنْسَ
لا تـنس أغنية الشمس، ڤـاسّـيلي.
فهي في مسالك الصّيف المتشقّقة،
في قشّ الرِّحِـيّ،
في الخشب الصّلب لدولابك،
إنْ كنتَ تدري حقّاً كيف تسْمعها.
وهي أيضا في قلب الجرادة.
ڤـاسّـيلي، ڤـاسّـيلي، لأنّك مقرور، هذا المساء،
لا تُـنْكِر الشّمس.
السّينما
أتحبّ أن ترى النّاس يتحرّكون
في كلّ صوب؟ جالساً،
ترى الحشد.
هلْ تُحِبّ الصّحْراء؟ أثناء الصّيف،
تقطعُها، تحت سيل من نار،
دون جهد سوى أن تدع الرّمال
تمشي من أجلك.
السّهول، الجبال، البحار
تبوح لك بأسْرارها.
والقُطب، شديد القرب
حدّ أنّ نَانُوك الأسكيموي يستقبلك كأخ،
و الأدغال جدّ قريبة
حتّى أنّك تمضي مع قنّاص الفهود...
يا لَلأسفار الجميلة التي، أبَداً،
لن تقوم بها!
اُنظرْ، أزهارٌ تتفتّح، عصافيرُ تدعوك، اُنظرْ:
في بساتين علاء الدّين، سِلالٌ تمتلئ...
اقطفْ أحلاماً... أطلق لنفسك العنان...
تعال إلى هذا المكان الصّغير
البديع، و انْظر
تتبّعْ هذه المُعجزة: إنّه شريط يُعْرَض...
الكرسيّ، فارغاً...
الكرسيّ، فارغاً... آه كيف سيمكنك
أنْ تحْتمل هذا ؟ و أنا التي سَأرْحل،
كيف سأستطيع
احْتمال ما تبقّى؟