مُعَلّم نشيط، وقصائد أُخرى

مُعلّم نَشيط 
يُهَدّد المُشاغبين بطيور البَرْد
يواجهونه مُمتشقين
جِراحَ ولادة
يَشعر بشفتيه تتبخّران
يُحاول لمسهما بلسانه
فيجدهما في مكانهما مُنفرجتين
كأنّما تَسخران منه
لا يخلط بين العصافير والنّجوم
أثناء سفره العموديّ
مرتفعاً بين عناقيد العنب
يحلّ الليل فيغمس عظامَه في الحبر
ليؤلّف فقرة عن بركان
تُحمحم من حوله خيول
ليؤلّف صفحة عن مستشفى
حاصرتْه أحلامُ مرضاه
يستغرب ما يتنامى إلى مسامعه
ففي المطبخ يُغَنّي الخبز
والملاعق ترقص
وتُطقطق

 

امرأة
امرأة تَمسح حُزن البارحة
عن طاولة فوقها كتاب
هي تعرف الكثير من أسماء الجبال
والمطرُ الأخير
قاسَمها أسراره
"أنا في سِنّ البَرق"
هذا ما تقوله وتبتسم
تعرَّفتُ عليها يوماً وعلى الفور
شاركتني البحث عن قدّاحة
كنتُ أضعتُها وسط أحجار وحَصًى كثير
تلك كانت قدّاحتي الحمراء
كم مرّةٍ وضعتُ يدي في جيب بنطالي
فوجدتُها رقيقة وهادئة ولطيفة
لقد كانت ملِكةً على شرارات
وتشرّبتْ ضحكاتي في حانات
وكثيراً ما سافرتْ حتّى الأفق
وأصبحتْ نجمة جميلة تلمع من بعيد
المرأة تمسح حزن البارحة
عن طاولة فوقها كتاب
إنّها في عُمر البروق
سأجلس قبالتَها
ونلعب مباراة شطرنج

العاصفة التي…
العاصفة التي طوّحَتْ بأفكاره
لم تُبق في ذهنه سوى كومات ثلج
عشبُ حديقته
انقلب إلى قطن
أصداء نُباح نفذتْ عبر نافذته
لكنْ ليس في الخارج شَبَحُ كَلب
هنالك أعمدة كهربائيّة فحسب
وهو يراها بيضاء
لا يَدري هل هي التي أصبحتْ شموعاً طويلة
أمْ أنّه يراها
مِن خلال عقله الذي غزاه الثّلج
في الصّباح شَعَر بِقلق وَخَرَج
فكّر : “عليّ أنْ أسحب ما لديّ في البنك
قبل أن تُصبح الأوراق النّقديّة التي في حِسابي
مجرّد أوراق فارغة ورهيفة
تصلح فحسب لِلَفّ الحَشيش“
في طريقه إلى البنك تذكّر
أنّ رَصيده هو تحت الصِّفر
فتوقّف عن السّير
وتنفّس الصُّعَداء

يَنفث الصّباح أنفاسَه
ينفث الصّباح أنفاسه اليائسة
في كأس قهوة أمامي
نافذةُ غرفتي تُحيّي صديقة عابرة
من التّلفاز يسيل دم غزير
في مُخيّلتي تركض ظلال
مُنكِّسةً هاماتها
أَخرج لأتمشّى
لكنّ الطّريق تتشنّج
وتختضّ تحت قدميّ
أتابع طريقي
متقافزاً