منشورات الجَمل، بيروت، 2011. رابط تحميلها - pdf - :
لِقراءتها مُباشَرة ً: رَجل يبتسم...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
من المجموعة :
مِروحة
اِبْـقَ في بيتك فلا جديد في الخارج
أتُرَاك تريدُ أن تخرج لترى المجنون
يتأمَّل في غيمةٍ- مِرآةٍ
نِصْفَ وَجْههِ الأثير لديه
أو لترمي بحجر
الخذروف الخَرِف
الذي لا يكفّ عن الدّوران
تحت أعمدة المصابيح
أم أنّك تريد أن تلتقط صورة أخيرة
لمروحتك المسكينة
التي تفكّكتْ عظامُها
بعْد أن لفظْتَها بلا رأفة أيُّها القاسي
يا حفّارَ قبور القناني
هكذا تحدّث إليّ طيفُ أوفيليا
وأنا أمضي نحو الباب ومِنْ بعيد
يصِلُني هديلُ حمائمَ
من نبيذ
مقادير مجهولة
مع الفجر جاءتْ من مغاوِرَ بالشاطئ
حِسَان مشاكسات
وبأنغام النّايات
شرعْنَ في تهييج أشجارِ
الشَّارع الكبير
في الصَّباح تَوَزّعَ في جنبات المدينة
أطفالٌ من مرجان
ليحرسوا باراتٍ يؤمّها عميانٌ
وخيولُهم
بعد الظهيرة كان من بيننا من أغفى
في سينما مِيالِيسْ فيما كانتْ سارة مايلز
في دَوْرِ ابنة رايَنْ تتلقّى الشّتائم
مذعورةً
بُعَيْدَ الغروب ظهرت أشْباحُ
درّاجاتنا القديمة
وبدافع الحنين اعترضتْ
سُبلنا
في الليل ربّما تُوجَزُ المدينة
هل حقا ستصبح
في حجم قبضة اليد
بعد أن عشنا فيها طويلا كمقاديرَ
مجهولة
في مُعادلات الرّيح
والليالي
ربّما يكون لي حصان
الفتاة التي أحببتُ وأنا في السّادسة عشرة
في البداية، لم تُبادلني عواطفي
حزنتُ ثمّ نسيتُها
لم أعدْ أترصَّـدُها كلَّ أحد أمام بيت أبيها
حيثُ تصنعُ الكعك
تَدْرُس حَياة الجراد
وتُنْصت إلى أغاني الحاجَّة الحَمْداويَّة
يحلُّ الأحد، فأمضي إلى البار ثمّ إلى
ملعب كرة القدم
لِتشجيع الفريق الذي أُناصره
إنّه دِينامو البَرْنُوصي
أو إلى البار ثمّ رأساً إلى غرفة مريم
التي تبيعُ لي الهوى بالدَّين وفي المُقابل
أُطفئُ الضّوء قبل أن أستلقيَ في سريرها
وأتخيّل أنّها مارية، الفتاة التي أحببت
وأنا في السّادسة عشرة
بعد وقتٍ سئمْتُ لُعبة التَّخيل تلك
وأصبحتُ أضاجِعُ مريم
باعتبارها مريم فحسب
التي تروي لي قصّة حبّ والِدها العسكريّ
وأمِّها التي قضتْ طفولتها في اليونان
كلَّ يومِ أَحد
تخرج الفتاة التي أحببتُ
وأنا في السّادسة عشرة
تمضي لتُحيّيَ البحر، ثُمَّ لشراء
مجلّة متخصّصة في وصفات الكعك الجديدة
تتمشَّى على قارعة الطريق تتلقّى
التّهنئة من رَجل يَجوب البلاد بحثاً
عن امرأةٍ أضاعها في مرفأ
يقول الرجل إنه يهنّئها
بمناسبة حصولها على البكالوريا
لكنّي لم أجتز بعدُ الامتحانات، تقول هي
فيخجل الرّجل البدين وينصرف
ويقوم بجولة في رِواقٍ بالسّوق الأسبوعيِّ
تباعُ فيهِ النَّايات
بحثاً عن ناي مسحور
يُمكنه أن يعزف لك تلقائيّاً سيمفونيةً
أو موسيقا أوبرا
لموتسارت لهايدن لِمِنْدِلْزُونْ
أن يُغنّيَ لك أغنية
للحاجَّة الحَمْداويَّة
أمّا مارية فتنصرف لتذرعَ أرجاء
جناحٍ من السّوق الأسبوعيّ نفسِه
خاصٍّ ببَاعَةِ الوجوه القديمة ومُساعديهم
من الكيميّائين العُميان
بحثاً عن وجه شهرزاد ووجه حسناء
من تمبوكتو
ووجه غريتا غاربو
في البداية، لم أكن أعرفُ أنّها
تستعدُّ للتنكّر، كنتُ وقتَها
في الملعب أَصْفِرُ بأقصى جهدي
ضِدَّ الحَكم الذي أَعلن عن ركلة جزاء
ضدّ دينامو البرنوصي
لكنّي، هذا الصَّباح، غِبَّ ليلة اعتقدتُ أنّي
قضيْتُها مع واحدةٍ من أجمل فتيات تمبوكتو
اكتشفتُ أنَّ ضجيعتي
لم تكن سوى مارية، الفتاة التي أحببت وأنا
في السّادسة عشرة
لقد استعملتْ قناعاً إذنْ
بعد سنة من الآن سنتخاصم
بعد سنة من الآن
ستكثُر الدّرّاجات النّاريّة على
الطّريق التي تؤدّي إلى بِرْكَة عَوّا
بعد سنة من الآن
ستتلوّى هضبةٌ من مَغص شديد
والمداخنُ ستتطوّعُ لتحمُّل آلام الولادة
عن الفتيات الحوامل
بعد سنة بعد اثنتين بعد ثلاث
سأكون في غابة بعيدة
لن أكون قد أصبحتُ فهداً أو ببغاء
سنجاباً أو زرافة أو عظاية
لكنْ ستُقيم معي امرأة في كوخ في غابة
أو في كوخ على شَفا حوض
تعيش فيه تماسيح
صغيرة مسالمة تستطيعُ حتّى أنْ
تُصافحكَ بأطراف أذنابِها
هنالك قرب تمبوكتو
سيكون الطّقسُ حارّاً جِدّاً
وربّما سيكون لي حصانٌ عظامُه
من شرار
حصان هادئ جدّاً روحُه
من مسحوق الذّهب
ربّما تكون لي درّاجة
تستطيع بصرير عجلاتها أن تَصنع السّراب
الذي يجتذبُ عابرين كثيرين
هكذا سيُمْكنني أن أستقبل في كوخي
راقِصاتٍ شهيراتٍ
مثل الجوكندة
وأبطالاً في القفز العُلوي
مثل حمُّورابي
بعد سنة بعد اثنتين بعد ثلاث
فثمّة أنفاسٌ باردة تنطلق الآن من عينَيّ
وتُصبح ضبابة كبيرة تجدُها في المساء
قد حاصرت القطارات والأرامل
لذا أسارع بِالوقوف وربّما بعد دقيقة
بعد دقيقتين بعد ثلاث
سأغادر هذه الغُرفة
في طريقي إلى بار مارسيل سِيرْدَانْ، ألتقي
زميلتي في العمل، لا أستطيعُ
تذكّر اسمِها، لكنّها
تدعوني لمعرض لوحاتها
الذي تقيمه في عُرض البحر، بحثاً
عن التّميّز
لا أستطيعُ أن أسبح حتّى هناك، أقول لها
فتُجيب: لقدْ أصبتُ شَعْرَكَ
برصاصاتي
وفي شارع الإربيانة
أجد أعزّ أصدقائي في انتظاري
نمضي لنشرب معاً إنّه ذو سُلطة
في البحر إنّه
ينشغل الآن بتوجيه سِهام البارانويا إلى
أيائل مُتَخفّية خلف عجلات السّيّارات
فيما أفكّر في مُستقبلي
وما سأفعل وما سيحدُثُ لي
بعد سنة بعد سنتين
بعد ثلاث