أَحْلُم بكلّ النّجوم - قصائد : بنجامين ﭘِيـرِي *




بورتريه ماكْس إرنِستْ


كانت له أُذنَا مَحارة


شَعرُه كان يَسبح في الرّغوة


حين تبخّرت الصّخور البيضاء


لدى عبور الذُّباب




كانت عيناه زرقاوين كما زيتونات


كانت زيتوناته سوداء كما بطنه


وكان يسأل المداخن عن لُغزِ الدّخان


الذي يجري في مِحور عينيه كثلج الأشباح


حين تتزيّا الحجارة حسب موضة آبائها


ذوي الأرجل التي تمتدّ مثلما شعاع شمس


بمحاذاة صخر مُنفلق


بمحاذاة الغاباتِ ثُلاثيّةِ الألوان


والخُزامى التي تَسبح كما سمكةِ لِياء


في جادّة الأرجل المتجلّدة


بمحاذاة هياكل عظميّة لها عظامُ غراموفون


وزجاجِ نوافذَ أبيضَ مثل شريحة لحم أبيض


بمحاذاة تماثيلَ للفجل


وأدواتٍ نحاسيّة ميّتة


بمحاذاة خيوطِ ماءٍ عَذب


تنصبّ في آذان القدّيسين




إنذار غير دقيق



نحن بعيدون أَوْ إنّ هنالك


ماءً لا نَشربه


إنه ماء شَروب


يُوجَد أناس لا نراهم


هم الأموات


كذلك نحن لا نسمعهم


لماذا تزعمون العكس


لماذا تَصيحون بأصوات جَهْوَريّة


تَرَون جيّداً أننا سنموت


أنا لستُ متشبّثاً بهذا



إلى الأمام


إلى الأمام يقول قوسُ قُزحٍ الصّباحيّ


إلى الأمام من أجل شبابيك شبابنا


لقد انفجرنا


وكلّ ما كان أزرق بَقي أزرق




في ذكرى البصلات الصّغيرة


التي كنتَ تنثرُ بين زهور الأقحوان


قل للسّيدَة صباح الخير




قبل ذلك اكسِرْ رأسَك


أو رأسَ جارك الأقرب إليك


حتّى نركبَ نحن الاثنين


قطار الشرق السّريع في العطلة القادمة



بورتريه لِلْوي أراغون


حسنات النّموّ


تُلاحَظُ كُلّ يوم


أنا على هذا شاهد


وأنتَ أيضاً


الآن لك أيادٍ في الشَّعر


وشَعرك هو زجاج


يُصنع منه الماريشالات


وقبطانات الإبحار الطويل


والسيغارات الفاخرة


والمقطورات ذات الأسِرّة


صباح الخير يا صغيري



عَبْر الزّمان والمكان


أنْ أنتظر في الرّيح وتحت ثلج الكواكب


حلولَ زهرة لا تستحي فوق جبيني فاقدِ اللون


مثلما مشهد هجرتْه الطيور المُسَمّاة


زفرات الحكيم


والتي تُحَلِّق في اتّجاه الحبّ


هو ذا مصيري


هي ذي حياتي


يا حياةً جعلتْها الطَّبيعة ملأى بالرّيش


وبسموم أطفال


أنا خادمكِ المتواضع


أنا خادمكِ المتواضع وأعضّ عشب الغيوم


الذي تمدّينه لي على وسادة


شبيهة بِفَخذ خالدة


تحتفظ بحرارتها الأولى وتستثير الرّغبة


التي لن تُخَفّف منها أبداً


الشّعلةُ المنبثقة من وحش خَرِع


أو دمُ الإلاهة


الشّهوانيّة رغم عُقم المستنقعات الدّاخليّة


الذي هو عُقمُ عُصفورة




حُجرة تسخين كئيبة


                                                             إلى تيودور فرانكل


أَحلم بكلّ النّجوم


وهي أيضاً تحلم بي


ليس هنالك وقت يُضاع


كلّ هذا سينفجر


لقد ضِعْنا


لقد أصابنا الكُساح


نتأوّه أو نَنظر


لا لَمْ أعد أحلم وسأمضي


نحن لم نَضِع




الأزمنة المنصرمة


شمسُ رأسي هي بكلّ الألوان


وتُحرق البيوت التي من قَشّ


حيث يعيش نبلاء هاربون من فوّهات البراكين


والنّسوةُ الجميلات اللائي يُولدن كلّ صباح


ويمتن كلّ مساء


مثل البعوض


يا بعوضة بكلّ الألوان


ما الذي جِئت لتفعليه ها هنا


إنها لَشمس شنيعة الآن


وحركة الموج تَرجّ الجبال


الآن إذِ الجبال


تسبح على بحر من الضّوء


بحر بلا حياة بلا وزن بلا حرارة


حيثُ لن أضعَ طرَفَ قدمِي




حجرة قيادةِ العباقرة الشّيوخ


إلى آرڀ



ليس لي إلّا عين واحدة ومُخّان


وأنت سيّدي كيف حالُ أُذنك


لقد انصرفوا لكنّهم سيتوقّفون


لا يُوجد مبرّر ليستمرّوا


ليس هنالك طُرق


الطُّرق ليست آمنة


الطُّرُق ليست عريضة


انتبهْ جيّداً إلى ما على يمينك


يقول القانون الجِنائيّ


باعتماد قاعدة العناء المُتَدرّج


سنصل إلى قمّةٍ ما في يوم أو آخر


إنّها أشياء يُمكن التّحقّق منها


جَمْع طَرْح ضَرْبٌ وقِسمة




الشابّات المُعذّبات


قُرب بيتٍ من شمسٍ ومِن شَعر أبيض


اكتشَفتْ غابةٌ أنّ لديها قدراتٍ على الرّقّة


وفِكراً شكّاكاً


هي تسأل أين المُسافر


المسافر يا غابةُ يتساءل 


مِمّاذا سيتشكّل الغد


إنّه مريضٌ وَعارٍ


يَطلب أقراصاً فتُقدَّم له أعشاب ضارّة


إنّه شهير كالميكانيكا


يَطلب كلبَه


ويجيء قاتلٌ مِن أجْل أن ينتقم


لكونه أُهِين


يدُ الواحد على كتف الآخر


هنا يتبدّى القَلق فامرأة جميلة جدّاُ


لابسة معطفاً مِن جِلد الفِيزُون


أَهي عارية تحت معطفها


أهي جميلة تحت معطفها


أهي شَبِقة تحت معطفها


نعم نعم نعم ونعم


هي كلّ ما تشاؤون


هي اللذّة كلّ اللذّة اللذّة الوحيدة


تلك التي ينتظرها الأطفال على حافة الغابات


تلك التي تنتظرها الغابة قرب المنزل




بورتريه أندري بريتون


لامست الغزالاتُ ذاكراتِها


منها انبثق طاقم مَرْكبة بأكمله


رُفقة نساءٍ طويلات بلا عيون


ووجهٍ جميل سافر


وعربةٍ أُذناها تُنصتان تُنصتان


وتَموتان من الضّجر


الضّجر التي تتمّ زراعته في دَفيئات


غالية الثّمن


الضّجر الذي ينمو قبطانَ قراصنة


أنا منهم


بنجامين ﭘِيـرِي*

ـ Benjamin Péret ـ

(1899 – 1959)

شاعر فرنسيّ من المجموعة السوريالية الأولى. عاش في البرازيل من 1929 إلى1931، وطُرِد منها بسبب نشاطه السياسيّ. شارك في الحرب الأهلية الإسبانية (1936 ـ 1939)، في صفّ الحزب العمّالي اليساريّ، ثمّ كقائد لمجموعة أناركيّة. قضى بِضع سنوات في المكسيك... وتوفّي بباريس. من أعماله الشِّعريّة: نَومٌ، نومٌ في الأحجار - اللعبة الكبرى - مِن خلف حُزَم الحطب - نقطة، هذا كلّ شيء…