منشورات بيت الشِّعر في المغرب، 2017.
لتحميل المجموعة : عيون طالما...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصائد من المجموعة :
قُبيْل الغروب
قُبيلَ الغُرُوب، نَفَضَت الحُقُولُ
عَن ظُهورِها قُطعان المَواشي، فلم تَذَرْ
لها من أثر
هكذا، لم يَبْقَ في جنباتها الذّهبيّةِ الأعشاب
سوى بعضِ الثُّغاء الخفيف
الرُّعاةُ عادوا حَزَانَى
وأرادوا الاخْتِفاءَ عن الأنظَار، فدَلَفُوا إلى الزَّرائب
وَحْدَهُ الرَّاعي الأحمق بَقِيَ واقفاً وسط القرية
مُتهلِّلاً، يَعزف للرّيح
مُتَرَجِّياً
أن تجلبَ بناتِها شبيهاتِ الدِّبَبة
حتَّى يرتعبَ منهنَّ الأطفال المتحلِّقون من حوله
فيضحكَ
من قفزاتِهمْ وصياحِهمْ
ومِنْ رَفْعِهِمْ لعقائرهم بنداءِ
أمّهاتِهمْ
غُرفة ضيّقة
وَقْعُ حذائي على الرّصيف
ينفذ إلى أذنَيَّ، عبرَ نافذةِ غرفتي
إنّهُ الحذاء الهارب من الخدمة
يتابع سيرَه في الخارج
وقدماي تستغربان
هذا العقوق
وثمّة أغنيةٌ تصعد نحوي الأدراج
قادمةً من الشّارع نفسه، ذي البرد
الجريـح
إنّها للمغني الأعمى، الذي
يبيتُ في العراء، وعيناه
هما صَنْجاه
أما أنا فقانعٌ بالبقاء في هذه الغرفة الضّيقة
لكن، متى ضجرتُ حقّاً
أركضُ فيها
فتتحوّل إلى بلد كبير
فيه قتلى يصنعون البارود
وكتبٌ كثيرة، وكنوزٌ مخفيّة
في رئات
العصافير
بلدٌ كبير ودائري، حيث الحُزْن
يُزال بالمماحي
وحيث، كثيرا ما يكون الله
هو النّسيم
"غرفة ضَيّقة"، بِصوت الشّاعر جمال الموساوي
بَحر أسود
قارِبُ النّوم يَمْخُر بي عُبابَ بحرٍ أَسْودَ يُبْعدني
عنْ غُرفتي في هذه الليلة الشَّتْوية
الموجُ العاتي يتقاذفُه
سيوفُ البرقِ، أيضاً، تَهْوِي
في الأعالِي، بلا رحْمة
وخَوفي يتركّز في حاجبيّ!
لكنْ، فوق رأسي، أنصافُ الطُّيُور
التي بقيتْ حيَّةً بِمُعْجزة
تَضعُ رُضّعاً في مُهود
وصَرَخاتِهِمْ في صناديق البَرْد
وَتَعِدُني بحياةٍ جَديدة
حَالَمَا أستيقظ
مِن هذا الحُلم العنيف !
أسلاف
في هذا البيت، في زمن قديم، تطايَرَ شَرَارٌ كثير
من جَسَد جدّ، بعد أن ارتطمَ رأسُه
بسقف قبّعته
سكّانُ هذا البيت، من أجدادٍ أكثر قِدَماً
كانُوا شديدِي التّديّن
واتّخذوا إِلَهاً البُركانَ المقدَّسَ الذي
أصبح في مكانه الآن
فُرْنٌ كبير
أنا، خلال هذه الليلة، في هَذا البيْت نفسِه
أستمرُّ في كتابةِ تاريخ السُّلالة
فَيَدْلِفُ إلى غرفتي ناطقونَ باسْمِها من كلّ
العُصور
يتجمّعون في جانب من الغرفة، فتميلُ تحت ثِقَلهمْ
يركضون إلى الجانب الآخر، فيشعرون
أنّه يَمِيدُ بهم
وهكذا، أنا أُؤَرِّخ لهمْ
وَهُمْ يُمَرْجِحُونَنِي !