ترجمة : مبارك وساط
الأَوْلَى الحياة
أَوْلَى الحياةُ من هذه الموشورات عديمةِ السُّمْك حتّى وإنْ كانت الألوان أكثرَ صَفاءً
أوْلى من هذه السّاعة المُكفهرّة باستمرار من هذه السّيّارات الرّهيبة التي من لهيب بارد
من هذه الأحجار النّاضجة أكثر من اللازم
أوْلى هذا القلب الذي يُفتَح بضغطة
من هذه البِرْكة ذات الهمهمات
ومن هذه القماشة البيضاء التي تُغنّي في آن في الهواء وفي التّراب
من نعمة الزّفاف هاته التي تَصِل جبيني بجبين الخُيلاء الكامل
الأَوْلى الحياة
أَوْلى الحياة بشراشفها طاردةِ الشّر
بندوبها الباقية من عمليّات الفرار
أَوْلى الحياة أَوْلى وردةُ التّزيين هاته على قبري
حياة الحُضور لا شيء غير الحُضور
حيثُ صوتٌ يقول أأنتَ هنا وآخرُ يُجيب أأنتَ هنا
لا للأسف لستُ قطْعاً هنا
ومع ذلك فحين يحدث أن نُساند ما نجعله يموت
الاَوْلى الحياة
أوْلى الحياة أوْلى الحياةُ يا طفولةً جَليلة
الشّريط الذي يُطلقه دَرويش
يُشبه مِزلقة العالَم
ما هَمّ إنْ كانت الشّمس مُجرَّدَ حطام
إذا كان جسد المرأة يُشبهها
تحلم وأنت تتأمّل المسار على طوله
أوْ فحسب مُغمِضاً عينيك عن العاصفة البديعة التي اسْمُها يدُك
الأَوْلَى الحياة
الأَوْلى الحياة بما لها من قاعات انتظار
حين يكون المرء عالماً بأنّ الدّخول لنْ يُتاحَ لهُ أبداً
أَوْلَى الحياة من مؤسّسات العلاج بالمياه المعدنيّة هاته
حيثُ قلاداتٌ تتكفّل بالخدمة
ألأَوْلى الحياة غير المؤاتية والطّويلة
إذا انغلقت الكتب هاهنا فوق رفوفٍ أقلّ نعومة
وحينما يُصبِح الجوّ أحسنَ من الأحسن هنالك حينما يكون الجوّ حُرّيةً نَعَمْ
الأوْلى الحياة كخلفيّةٍ للاستخفاف
لهذا الرّأس الجميل كفايةً
كترياق لذلك الكمال الذي تستدعيه وتخافُه
الحياةُ مسحوقُ التّجميلِ الإلهي
الحياة مثلما جواز سَفر لمْ يُسْتَعمل
مدينةٌ صغيرة مثلما پُونتامُوسّون
وبما أنّ كلّ شيء قد قِيل
الأَوْلى الحياة
خطٌّ مَكسور
إلى ريمون رُوسّيلْ
نحن الخبز اليابس والماء في سُجون السّماء
نحن بلاطات الحبّ وكلّ الإشارات موقوفة
نحن من نجسّد رَهَافات هذه القصيدة
لا شيء يُعبّر عنّا فيما وراء الموت
في هذه السّاعة التي يلبسُ فيها الليل حذاءه النّصفيّ الأخضر ليخرج
نتقبّل الزّمن على عِلّاته
كجدار أوسط في اتّجاه جدران سجوننا
تُدخل العناكب السّفينة إلى المرسى
ما على المرء إلّا أن يلمس ليس هنالك ما يُرى
فيما بعد ستعرفون من نحن
أعمالنا ما تزال مُدافَعاً عنها جيِّداً
لكنّه فجرُ السّاحل الأخير الجوّ يتعكّر
عمّا قريب سننقل إلى مكان آخر تَرَفنا المُضايِق لنا
سننقل إلى مكان آخر تَرف الطّاعون
نحن قليلٌ من ندى البُكْرة المُجَلّد فوق حُزم أغصان البشر
وهذا كلّ شيء.
مشروب كحوليّ يُضمّد الجراح في قبو صغير
من نافذة سفليّة فيه تُرى طريق مطرّزة بِحُمَّيضات كبيرة فارغة
لا تسألوا أين أنتم
نحن الخبز اليابس والماء في سجون السّماء
أوراق اللعب في العراء ليلاً
نرفع أو نكاد زاويةً من الخِمار
راتق الخَزف يشتغل فوق سُلّم
يبدو شابّاً رغم التّنازل
نقيم عليه الحداد في أثوابٍ صفراء
المعاهدة لم تُوقّع بعد
أخواتُ البِرّ يُسبِّبن
في الأفق حالاتِ فرار
ربّما نتستّر نحن في الآن نفسه على الشّرّ وعلى الخير
فهكذا تتكوّن إرادة الأحلام
يا أناساً يُمكن أنْ يستطيعوا
إنّ صرامتنا يجرفها الأسف على التّفتّتات
نحنُ أبطال الإغواء رهيبةٌ أكثر هي نابُ الصّباحِ
جامعِ الخِرَق النابُ الموضوعُ على الأسمال المُزيَّنة بالأزهار
إذْ يقذف بنا إلى الكنوز المهتاجة ذات الأسنان الطّويلة
لا تُضيفوا أيّ شيء إلى شعوركم بالخِزي من غُفْرانكم نفْسِه
إنّه لَكافٍ أن تُسلِّحوا من أجل نهاية بلا قَعر
عيونَكم بهذه الدّموع المُضحكة التي تمنحنا السُّلوان
بطنُ الكلمات مُذهّب هذا المساء ولا شيء بقي عديم الجَدوى
عبّاد الشّمس
إلى پيير ريڤيردي
المسافرة التي تعبُر "لي هالّ"1 عند هبوطِ الصّيف
كانتْ تمشي على رؤوس أصابعها
كان اليأس يُدحرج في السّماء نباتات اللوف الكبيرة
وفي حقيبة اليد كان حلمي الذي هو قارورة بها شيء من روح الملحii
وحدها عرّابةُ الإله قد استنشقته
كانتْ ضُروبُ الخَدَر تنتشر مثلما قَطْر البخار
في حانة "الكلب الذي يُدخّن"
حيثُ كانتْ قد دخلت الموافَقة والمناقَضة
لم يكن ممكناً أن تَنظرا إلى المرأة الشّابّة إلّا بانتقاص ومُوارَبةً
هل كنتُ أتعامل مع سفيرةِ مِلح البارود
أو سفيرة المُنحنَى الأبيض ذي الخلفيّة السّوداء الذي نُسَمّيه فِكراً
كان حفل الأبرياء الرّاقص في ذروته
وكانت الفوانيس الورقيّة تشتعل شيئاً فشيئاً في أشجار الكستناء
المرأة التي بلا ظلّ تجثو فوق "جِسر الصّرف"2
بشارع «غي لوكور» لم تعد الطّوابع هي نفسها
وأخيراً فإنّ وُعود الليالي قد تمّ الوفاءُ بها
كان الحَمَام الزّاجل وقُبَل الإغاثة
تنضمّ إلى ثديَي الجميلة المجهولة
اللذين يُرمَيان بالسّهام
وهما تحت القماش المُجعّد للدّلالات ذات الكمال
كانت مزرعةٌ تزدهر في قلب باريس
وكانتْ نوافذها تنفتح على درب التّبانة
لكنْ ليس هنالك بعدُ من يقطن بها
وذلك بسبب الذين يظهرون فجأةً
إذا ما تمّ الحديثُ عنهم
ومعلوم أنّهم أكثرُ إخلاصاً من أشباح الأموات
بعضُهم مثل هذه المرأة يبدون كأنّما يَسْبحون
وفي فعل الحبّ يدخل القليل من جوهرهم
إنّها تستبطنهم
لستُ ألعوبةً لأيّ قوّة حواسّية
ومع ذلك فالجُدجُد الذي كان يُغنّي في الشَّعر الذي من رماد
في مساءٍ ما قُرب تمثال إتْيينْ مارسيلْ3
وجّه إليّ نظرةَ تفاهم
أندريه بريتون، قال لي، مُرَّ
*****************************
1 - "لي هالّْ": منطقة باريسية حافلة بضروب من الأسواق.
2 - جسر باريسي على السِّين (پون أُو شانج)، أطلقت عليه تلك التّسمية لأنّ الصّرّافين وبائعي المجوهرات كانت لهم بيوت ومحالّ حواليه.
3 - إتيان مارسيل (توفّي سنة 1358) : كان شيخ (شهبندر) تُجّار باريس، وأصبح على رأس حركةٍ معارضة تطالب بالحدّ من سلطات الملك جان لوبون (جان الطّيب)، وقتله بورجوازيون باريسون معادون لتوجّهه السّياسيّ. اكتسب اسمه هالة خاصّة لدى ناشطي الثورة الفرنسية، ومن المفارقات أنّ ماري أنطوانيت هي من نسله. وله تمثال قرب بلديّة باريس.